مصر لديها مكانة مهمة في المنطقة وليس فقط في الشرق الأوسط
الجالية الأرمنية في مصر لعبت ومازالت تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الصداقة التاريخية بين البلدين
سفارة أرمينيا في القاهرة تبذل جهودًا كبيرة لتعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين
التعاون الثقافي بين الدولتين يشهد تطوراً ملموساً
فبراير العام المقبل عقد اجتماع للجنة المشتركةالأرمنية-المصرية
أرمينيا تدرك أن نهر النيل هو أهم مصادر التنمية والاستقرار بالنسبة لمصر
عقب استقلال أرمينيا عن الاتحاد السوفيتي كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أرمينيا، وتم التوقيع على اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية في 1992، وافتتحت السفارة المصرية في يريفان في مايو 1993 بينمافتتحت السفارة الأرمينية في القاهرة في مارس عام1992 ولمزيد من المعلومات عن العلاقات بين الدولتين كان لنا هذا الحوار مع السفير هراتشيا بولاديان سفير جمهورية أرمينيا لدى مصر.
وإلى نص الحوار :
سعادة السفير نريد ان نعرف تقييمك للعلاقات بين مصر و أرمينيا الان ؟
بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتى، قامت أرمينيا بتطوير علاقاتها مع دول العالم وفي سياستها الخارجية أولت أهمية خاصة للشرق الأوسط. ومن الجدير بالذكر أن تمت افتتاح أول سفارة لأرمينيا في الشرق الأوسط في القاهرة في عام 1992. وأولت أرمينيا أهمية كبيرة للتعاون السياسي مع مصر، وكانت العلاقات السياسية الثنائية غنية بالزيارات المتبادلة رفيعة المستوى. وعلى مر السنين، قام ثلاثة رؤساء أرمينيا بزيارة مصر. ومصر لديها مكانة مهمة في المنطقة وليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. وتلعب مصر أيضًا دورًا رئيسيًا في البنية الأمنية لإفريقيا بأكملها وفي الشرق الأوسط، و ذلك نظرة أرمينيا لمصر ليس فقط للعلاقات الثنائية ولكن بشكل عام تقيِّم دور مصر في العالم العربي والإسلامي كله.
وأيضاً أود أن أقول أن الجالية الأرمنية في مصر لعبت ومازالت تلعب دوراً كبيراً وملموساً في تعزيز الصداقة التاريخية والتعاون الوثيق بين أرمينيا ومصر.
الزميلة فاطمة بدوي محررة بوابة أخبار اليوم مع السفير هراتشيا بولاديان سفير جمهورية أرمينيا لدى مصر
ما هى اخر تطورات العلاقات بين مصر وأرمينيا على المستوى السياسى ؟
الحدث المهم الأخير في العلاقات الأرمنية-المصرية كانت زيارة رسمية لرئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي إلى أرمينيا، في مطلع هذا العام. كانت هذه الزيارة تاريخية، وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس مصري إلى أرمينيا. التقى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بنظيره الأرمني، وكذلك مع رئيس الوزراء نيكول باشينيان. وكلام "زيارة تاريخية" ليست مجرد كلمة، ولكن خلال العلاقات الدبلوماسية إلى ما يقرب 32 عامًا، ويمكن اعتبار زيارة رئيس مصر أولاً وقبل كل شيء ملخصًا لعلاقاتنا الممتد على مدى 32 عامًا، ولذلك أستطيع أن أسجل أن أرمينيا قامت باستقبال لائق وعالي لرئيس مصر.
تلخيصاً، أود أن أقول رفعت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في يناير الماضي، وكذلك زيارة الرئيس الأرميني لمصر لحضور COP-27، الحوار السياسي الأرميني-المصري إلى مستوى جديد.
وبعد حوالي شهر من زيارة رسمية لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أرمينيا، قام وزير خارجية أرمينيا، أرارات ميرزويان، بزيارة عمل إلى مصر. على الرغم من أن الهدف الرئيسي من زيارته كان المشاركة في الدورة 159 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري. والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري وبحث معه الجهود المستمرة لتنفيذ الترتيبات التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة الرئيس المصري. كما عقد وزير الخارجية الأرميني لقاءات مهمة للغاية مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب – شيخ الأزهر الشريف وبابا تواضروس الثاني - بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ماحجم التبادل الاقتصادى والاستثمارى بين مصر و أرمينيا و ماهى أهم مجالات التعاون الاقتصادى بين مصر و أرمينيا ؟
أولاً، أرغب أن أشير إلى أن زيارة الرئيس المصري إلى أرمينيا أعطت دفعة جديدة لعلاقاتنا الاقتصادية. في الواقع، كانت الزيارة مهمة أيضًا بسبب النتائج الفورية والواعدة التي حققتها حتى الآن. الكثير من الشركات المصرية والأرمنية أعربت منذ ذلك الحين عن اهتمامها المتبادل واستعدادها لاستكشاف فرص الأعمال والاستثمارات في البلدين الصديقين. فقامت العديد من الشركات بزيارات للتعرف على الفرص المتاحة على أرض الواقع. وبالتالي، يمكنني القول إن ممثلي القطاعين الخاصين الأرميني والمصري ينظرون إلى زيارة الرئيس السيسي إلى يريفان على أنها إشارة لمواصلة تطوير العلاقات الاقتصادية بين أرمينيا ومصر․ فأرمينيا مؤخرًا تُعتبر جذابة أيضًا لرجال الأعمال المصريين من حيث الاستثمارات، ربما ببطء، ولكن هذه العملية موجودة.
وفي دورها تبذل سفارة أرمينيا في القاهرة جهودًا كبيرة لتعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، آملاً بأن تزيد التجارة الثنائية والاستثمارات المتبادلة في السنوات المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن عام 2022 كان واعدًا للغاية حيث ارتفع حجم التبادل التجاري أربع مرات مقارنة بأرقام عام 2021. ونأمل أن نحقق المزيد من النتائج الملموسة في السنوات المقبلة. وتهتم أرمينيا أيضًا بالمشاركة في العديد من المعارض الدولية التي تقام في مصر. وشاركت أرمينيا هذا العام في معرض القاهرة الدولي 56 في شهر مارس. وخلال هذا العام أرمينيا ستشارك في معرض Food Africa .
وتناقش البلدان آفاق تنمية وتعميق التعاون في القطاع الصحي مأكداً على أهمية تشجيع الاستثمارات المتبادلة وتبادل الخبرات في مجال تصنيع اللقاحات والسياحة العلاجية وتنظيم الدورات التدريبية.
وأستغل هذه الفرصة أن أؤكد عن اهتمام أرمينيا بصفتها عضوًا في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بمواصلة بذل الجهود لمساعدة مصر في استكمال عملية صياغة وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد في أقرب وقت ممكن و مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية ستوفر فرصًا جديدة لدعم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين أرمينيا ومصر.
ما هي آخر تطورات العلاقات الثقافية والتعاون الثقافي بين مصر و أرمينيا؟
إن العلاقات الأرمنية المصرية ليست عن المنافع المتبادلة فحسب، بل هي أيضًا عن الصداقة والروابط التاريخية والثقافية، لأن تاريخ العلاقات بين بلدينا وأممنا أطول بكثير. إن الموقع الجغرافي لأرمينيا وبلاد العرب، بدون شك، لعب دوراً أساسياً في العلاقات العربية الأرمنية والتبادل الثقافي بين الشعبين.
أود أن أقدم لمحة تاريخية قليلة موجزة، أولاً وقبل كل شيء، هناك سوء فهم حيث ظهر الأرمن في مصر بعد الإبادة الجماعية من قبل السلطات العثمانية. ولكن هناك معلومات تاريخية كاملة تفيد بأن الأرمن كانوا في مصر بالفعل منذ أوائل العصور الوسطى، على الأقل في القرنين الحادي عشر والثاني عشر في عصر مصر الفاطمية، يمكننا تسجيل زيادة حادة في حجم الجالية بشكل عام، وأحب ان أذكر بدر الدين الجمالي المعروف أنه أرمني. وبشكل عام، في الدراسات الشرقية، يمكنني أن أسجل أن هذه الذكرى المئوية تُعرف باسم الذكرى المئوية للوزراء الأرمن. حتى اليوم، توجد أسوار أو بوابات في القاهرة، الكل يشهد أن البناء تم على يد مهندسون أرمن. أما الفترة الثانية فتلك الفترة لا تبدأ بعد الإبادة الجماعية بل تبدأ من فترة مؤسس مصر الجديدة محمد علي حيث لعب الأرمن دورًا كبيرًا بالفعل، ويمكنني أن أذكر نوبار نوباريان، وهو نوبار باشا، أول رئيس وزراء في ذلك الوقت وشغل هذا المنصب ثلاث مرات. وأول وزير للشؤون الخارجية كان أرمنيًا، بوغوس يوسفيان، وأنا أعلم أن وزير الصحة كان أيضًا أرمنيًا. انني أذكر هذه الحقائق، لأن الجالية الأرمنية في مصر هي مجتمع فريد من نوعه في الشرق الأوسط بأكمله، وربما حتى البلد الوحيد الذي لعب فيه الأرمن دورًا رئيسيًا في بناء الدولة في مصر. حتى اليوم، هناك شوارع سميت على اسم نوبار باشا في كل من القاهرة والمدن الأخرى، وكذلك هناك مدينة تسمى نوبار. بعد الإبادة الجماعية، تمكن الأرمن من العثور على أنفسهم مرة أخرى وتلقي الرعاية الكاملة من الشعب المصري. أما بعد الاستقلال، أستطيع أن أقول ان الجالية الأرمنية لعبت دوراً سياسياً واقتصادياً وثقافياً هاماً في تاريخ البلاد. ومن بين أبرز فنانين من أصول أرمنية الذين لعبوا دوراً ملموساً في الثقافة المصرية يمكنني أن أذكر أسماء أنوشكا، لبلبى، نيللي، فيروز، ساروخان.
واليوم تشهد التعاون الثقافي بين الدولتين تطوراً ملموساً. تعمل السفارة الأرمنية بالقاهرة من أجل تعزيز التعاون بين دار الكتب والوثائق القومية لمصر والمتناداران - معهد المخطوطات القديمة بأرمينيا. وفي هذا السياق قريباً ستنظم معرض للمخطوطات العربية -الاسلامية المحفوظة في المتناداران - بالقاهرة. وكما أيضاً الجانب الأرمني يجري أعمالًا تحضيرية لتنظيم الأيام الثقافية الأرمنية في مصر خلال العام المقبل. ومن أجل توطيد التعاون، يعمل الطرفان على تنشيط الزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والمجموعات الثقافية. وخلال الشهر الجاري شارك مسرح العرائس الحكومية ليريفان في مهرجان القاهرة الدولي الـ30 للمسرح التجريبي.
وفيما يخص مجال السياحة هل عادت السياحة الأرمينية لمصر كما كانت فى السابق ؟
التعاون في مجال السياحة له دور مهم في العلاقات الأرمينية-المصرية. أننا حققنا مؤخرًا إنجازات ملموسة في مجال السياحة. في فبراير لهذا العام، عقد في القاهرة أول منتدى بين شركات السياحة الأرمنية والمصرية. وخلال المنتدى تم عقد اجتماعات ثنائية بين شركات السياحة الأرمنية والمصرية، ونتيجة للمفاوضات تم التوصل إلى اتفاقيات لتعزيز التعاون بين الدول في مجال السياحة. ومن المقرر تبادل زيارة ممثلي شركات السياحة المصرية إلى أرمينيا في المستقبل القريب.
وفقًا للبيانات الحالية، قام حوالي 105000 سائح من أرمينيا بزيارة مصر خلال عام 2022. ونتوقع أن في عام 2023 سيصل عدد السياح الأرمن إلى 140-150 ألف سائح. ونود أن نرى تزايد في عدد المصريين الذين يزورون أرمينيا لتعرف على ثقافتنا وتاريخنا وتقاليدنا. وأريد أن أشير إلى أن هناك بالفعل رحلات طيران مستأجرة ورحلات طيران مباشرة منتظمة يومياً من يريفان إلى شرم الشيخ والغردقة. ونقوم بأعمال مشتركة مع الجانب المصري لإطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين عاصمتينا، وأعتقد أن هذا الحدث سيكون له تأثير إيجابي على تعاون بلدينا في هذا المجال.
ومن الجدير بالذكر أن في الآونة الأخيرة، تم تبسيط نظامي منح تأشيرات الدخول بشكل متبادل. وهكذا تم إلغاء طلب الدعوة للمصريين - ويمكن للمواطنين المصريين التقدم بطلب الحصول على تأشيرة مباشرة من سفارة جمهورية أرمينيا في مصر أو من خلال نظام التأشيرة الإلكترونية، وفي حين أن المصريين الذين لديهم إقامة سارية أو تأشيرة صالحة لأكثر من 40 دولة (بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ودول شنغن والولايات المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا، وما إلى ذلك) يمكنهم الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى أي حدود - نقطة مراقبة جمهورية أرمينيا.
هل من المتوقع ان تكون هناك زيارات رسمية قريبة بين الجانبين ؟
في فبراير للعام المقبل، نتوقع عقد اجتماع للجنة المشتركةالأرمنية-المصرية، والتي سيصاحبها مؤتمر لرجال الأعمال، وأعتقد أنه سيكون حافزًا إضافيًا لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلدينا. وفي إطار اللجنة الحكومية الدولية، من المتوقع التوقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة ومعظمها في مجال الاقتصاد.
ونأمل أن تكون هناك زيارات ثنائية أخرى رفيعة المستوى في المستقبل القريب وبينها زيارة وزير خارجية مصر إلى أرمينيا.
ما موقف أرمينيا من أزمة سد النهضة ؟
تدرك أرمينيا أن نهر النيل يعتبر من أهم مصادر التنمية والاستقرار بالنسبة لمصر والماء هو المورد الاستراتيجي للبلد، وانطلاقاً من ذلك أرمينيا مقتنعة أن تسوية أزمة سد النهضة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال مفاوضات بناءة بين جميع الأطراف المعنية وإجراء تقييم محايد للمخاطر المتعلقة بالبيئة وأمن الطاقة.
هل هناك تعاون في مجال الطاقة بين البلدين ؟
أولاً، أود أن أشير إلى أن أجندة تغير المناخ و توليد الطاقة الجديدة والمتجددة تعتبر من أولويات الحكومة الأرمينية. وخلال زيارة رسمية لرئيس جمهورية مصر العربية السيد عبدالفتاح السيسي إلى أرمينيا شددت الحكومتين على أهمية تعزيز الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بينهما في كافة المجالات، وبما في ذلك مجال الطاقة. وأرغب أن أشير إلى أن مشاركة رئيس جمهورية أرمينيا في COP27 أكدت بشكل خاص على استعداد أرمينيا تطوير التعاون في مجال الطاقة مع مصر. وإنني مقتنع بأن في مستقبل القريب سوف تشهد العلاقات الأرمنية-المصرية تعاوناً مثمراً أيضاً في هذا المجال.
